تركوا الجامعة.. وحققوا النجاح الجزء الاول !!



بينهم بيل غيتس وزوكربيرغ وستيف جوبز صاحب «آبل» وكارل روف وجون ميجور والكسندر بيل مخترع التليفون وأجاثا كريستي ودكينز
اصدر، في الاسبوع الماضي، ستيف غرينسبيرغ، رجل اعمال وسياسي في ولاية ألينوي، وينتمي للحزب الجمهوري، وترشح باسم الحزب لمنافسة ميليسا بين، التي تنتمي للحزب الديمقراطي، في انتخابات الكونغرس في السنة القادمة، بيانا قال فيه: «انا فخور بأني نجحت في الحياة رغم معوقات كثيرة انا مثال يحتذى به ليس فقط في الدائرة الثامنة في ولاية ألينوي، ولكن، أيضا، في كل الولايات الاميركية».
واصدرت منافسته «ميليسا» بيانا قالت فيه: «خدمت الدائرة الثامنة لسنتين، وزدت تجارب وخبرات، وقدمت خدمات كثيرة للدائرة التي امثلها، وسأظل امثلها». وقال البيان انها، قبل ان تدخل الكونغرس، كانت تدير «شركة استثمار ناجحة»، وانها متزوجة منذ 22 سنة، وعندها فكتوريا، 16 سنة، وميشيل، 14 سنة. ونالت بكالوريوس علوم سياسية من جامعة روزفلت (ولاية ألينوي).
وقال بيان غرينسبيرغ انه رجل اعمال ناجح، ويدير شركة «بروموشن»، شركة العائلة، واستطاع ان يزيد عدد فروعها في الولايات المتحدة من الف الى خمسة آلاف. وانه متزوج منذ 14 سنة، وعنده «تايلور»، 12 سنة، و«كلير»، 11 سنة، و«جاك»، 8 سنوات. لكن، لم يقل بيان مليسا، ولم يقل بيان منافسها غرينسبيرغ، السبب الرئيسي وراء هذه البيانات والاتهامات، وهو ان غرينسبيرغ لم يكمل الجامعة.  قال ذلك مؤيدوهما في بيانات وتصريحات صحافية.
كتب اندي مارتن في جريدة في ولاية اللينوي: «كيف يتجرأ شخص لم يكمل الجامعة على ان ينافس ميليسا، اعظم سياسية شهدتها ولاية ألينوي؟» ورد عليه هنري وايغنمان، في نفس الجريدة: «لا يحتاج غرينسبيرغ لأن يشحذ تبرعات من البليونير سورس»، في اشارة الى البليونير جورج سورس، مهاجر من المجر، وكسب، قبل اكثر من عشر سنوات، بلايين الدولارات بعد مراهنات على عملات اجنبية، ومن كبار مؤيدي الحزب الديمقراطي، ويدير مركز «موف اون» الذي تبرع بثمانين الف دولار الى ميليسا. وسأل وايغنمان: «ايهما افضل؟ من تخرجت من جامعة، لكنها تشحذ من بليونير؟ او من لم يكمل الجامعة، لكنه يصرف من امواله؟.
هل عيب ان ينجح شخص في الحياة بدون ان يكمل الجامعة، أو حتى بدون ان يكمل الثانوية، او حتى بدون ان يكمل اية مرحلة دراسية؟ وماذا عن بيل غيتس، الذي ترك جامعة هارفارد قبل ان يكملها، وهو الآن رئيس شركة «مايكروسوفت» واغنى رجل في العالم (خمسون بليون دولار). وتقول احصائية ان 60% من قائمة اغنى 400 شخص في العالم سنة 1998 لم يدخلوا جامعة او تركوها قبل ان يحصلوا على شهادة.
قال شارلز هيز، صاحب شركة ومطابع لتشجيع الناس ليحصلوا على «تعليم ذاتي»، ومن الكتب التي كتبها: «الجامعة الشخصية» و«ما بعد الحلم الاميركي»: «الهدف من التعليم هو تحقيق قدرة على ادارة وظيفة، والنجاح فيها. وهذا اهم من طريقة الحصول على هذا التعليم، ومكان الحصول عليه».
لكن، طبعا، لا يمكن تشجيع ترك الطلبة والطالبات للجامعات. بل بالعكس، لابد من العكس، ليس فقط لأن الجامعات هي المكان الطبيعي لزيادة التعليم والعلم، ولكن، ايضا، لان ظاهرة ترك الجامعات، وسط السود في اميركا مثلا، تعتبر مشكلة كبيرة، وتحاول الحكومة حلها.
واصدرت، قبل ثلاث سنوات، وزارة التربية الاميركية تقريرا اوضح ان ثلاثين في المائة من طلاب الجامعات في اميركا يتركونها قبل الحصول على شهادات (كانت النسبة، قبل اربعين سنة، عشرين في المائة). وقال بحث في جامعة جنوب كاليفورنيا (في ديفس) ان خمسين في المائة من الذين تركوا الجامعة خلال الخمس سنوات الماضية كانوا يحرزون نتائج جيدة جدا وممتازة.
لهذا، يعتقد ان ترك الجامعة له صلة بعوامل اخرى: اولا: لمساعدة العائلات، وخاصة مع  ظاهرة تفككها، وخاصة عائلات السود. ثانيا: الزيادة المستمرة في المصروفات الجامعية، والخوف من تراكم القروض بعد نهاية الدراسة. ثالثا: ضيق فرص العمل، وقلة الاجور بعد الحصول على شهادة جامعية، خاصة اذا كانت في مجالات ادبية واجتماعية.
وتركز على هذه النقطة «جمعية الخريجين الذين لم يتخرجوا» (سي دي ايه ايه) ومركزها في جامعة ميريلاند، ورئيسها كان طالبا فيها قبل ان يتركها. (شعار الجمعية طالب يكاد يقع بسبب كتب ضخمة يحملها فوق ظهره).  قالت: «ليس هدفنا هو الا يدخل الناس الجامعات، والا يحرصوا على الاستمرار فيها. هدفنا هو جمع الذين يخرجون لأنهم اذكياء، وليس لأنهم اغبياء.
وتركز على هذه النقطة، ايضا، «الجمعية المضادة للشهادة الجامعية» (ايه دي سي). لا تعارض الجمعية دخول الجامعات، لكنها تقول ان الاستثمار في الاسهم والارصدة افضل من صرف عشرات الآلاف من الدولارات على المصروفات الجامعية. وكتبت مجلة «فوربز» (الاقتصادية الشهرية) عن هذا الموضوع، تحت عنوان «دكتاتورية الشهادة الجامعية». وقالت ان مائة الف دولار، اذا استثمرت بنسبة فائدة خمسة في المائة فقط، ستصير نصف مليون دولار عندما يبلغ الانسان خمسين سنة. وان هذا اكثر من زيادة دخله اذا صرفها على شهادات بكالوريوس وماجستير ودكتوراه وما بعد الدكتوراه.
لكن، رفضت د. برت فراي، مستشارة اقتصادية سألتها المجلة عن رأيها، الدفاع عن هذا المنطق، وقالت، في دبلوماسية: «نشجع الاستثمار المبكر والاكثر». لكن، قالت نفس المجلة ان ستين في المائة من اغنى 400 شخص في العالم في سنة 1998 لم يدخلوا جامعة او تركوها قبل ان يحصلوا على شهادة.
لماذا يترك انسان الجامعة قبل ان يكملها (ثم ينجح بعدها)؟ لا يوجد افضل من بيل غيتس للاجابة على السؤال. وكتبت الآتي جانيت لو في كتابها «بيل غيتس يتحدث» عن اللحظة التي اتخذ فيها القرار، على لسانه: «كنت في داخلية كاريار في جامعة هارفارد عندما رفعت سماعة التليفون لاتصل بشركة في ولاية نيومكسيكو، كنت ارسلت اليها اقتراحات لاضافة نظام «بيزيك» لابحاثها في مجال «دوس». كان ذلك في يناير (كانون الثاني) سنة 1975. وكانت الشركة تعمل لاختراع اول «بي سي» (كمبيوتر شخصي).
عندما ارسلت لهم الاقتراح، بالبريد المسجل، لم اكتب عنوان داخليتي، ولم اقل لهم اننى طالب، حتى لا يقللوا من اهمية اقتراحي. وعندما رفع رجل سماعة التليفون في الجانب الآخر، في نيومكسيكو، حاولت ان اضخم صوتي واتكلم كأنني استاذ في الجامعة. خفت ان يكشف حيلتي ويقفل خط التليفون. لكنه لم يفعل. وطلب مني ان انتظر دقيقة وبحث في اوراقه، وقال ان اقتراحي وصلهم، ويريدون تفاصيل. كانت تلك اللحظة. سيردون بان يوافقوا على التفاصيل ونسيت كل شيء له صلة بالجامعة، وقضيت اياما وليالي اكتب التفاصيل. وعندما قبلوها، قلت لنفسي: لا مكان لي بعد اليوم هنا.
قبل اربعة شهور، عاد بيل غيتس الى جامعة هارفارد ليتسلم دكتوراة شرف (في القانون). كان ضيف الشرف في حفل تخريج دفعة جديدة. وبدأ بأن قال متندرا: «انتظرت 32 سنة لاحصل على شهادة من هارفارد». وخاطب والده الذي كان يجلس في مقدمة صفوف الحاضرين، وقال: «يا والدي، كنت دائما اقول لك بان تصبر، ولا تغضب علي، وانني، يوما ما، ساحصل على شهادة من هارفارد» (الآن يدير والده مؤسسة غيتس الخيرية) وقال تندرا: «لحسن حظكم، اتحدث اليكم بعد ان تخرجتم. لو تحدثت اليكم في اول يوم لكم في الجامعة، لتركها كثير منكم».
ماذا فقد غيتس عندما ترك الجامعة، مع انه نجح بعدها؟  قال: "ربما لو لم اترك الجامعة، كنت سأعرف اشياء لم اعرفها الا قبل سنوات قليلة. لم اعرف كثيرا عن عدم المساواة والظلم. ولم اعرف ان الحضارة ليست فقط عن الاكتشافات والتطور، ولكنها، ايضا، عن الانسانية ورفع الظلم. عن الحرية، والتعليم، والصحة، وفرص العمل لمن لا يملكها".
واضاف: "لهذا، لحسن الحظ، حصلت اليوم على شهادة من هارفارد لاني اريد الاستقالة من وظيفتي والعمل في وظيفة اخرى" (سيستقيل، في السنة القادمة، من منصبه كرئيس لشركته ليعمل رئيسا متفرغا لمؤسسته الخيرية).
وقال تندرا: "قرأت اليوم عنوانا رئيسيا في جريدة "كريمسون" (جريدة الجامعة) قال: "عودة اشهر فاشل في تاريخ هارفارد". لكن، لم تنشر الجريدة سرين خطيرين: الاول: انا، ايضا، اشهر فاشل في تاريخ العالم. والثاني: انا الذي اقنعت ستيف بولمر ليترك الجامعة مثلما تركتها".
.................................طالع الجزء الثاني

abuiyad