كشف علماء ألمان النقاب عن أحدث سيارة من دون سائق. وأعلنوا أنّ هذه التكنولوجيا الجديدة يمكن أن تُقلِّص الحوادث وتساعد على حماية البيئة.
وتوقع البروفيسور الألماني، المكسيكي المولد، راؤول روخاس، الأستاذ في جامعة برلين الحرِّة، أن يُمنَع الناس في المستقبل من قيادة سياراتهم، لأسباب تتعلق بالسلامة، وقال إن "سيارات اليوم ستصبح مثل خيول الأمس"!
وأضاف روخاس: في غضون خمس إلى عشر سنوات، سيكون من الممكن تطبيق هذه التكنولوجيا في مناطق ذات خصوصية معينّة مثل المصانع أو المطارات أو المستودعات.. أمّا على الطرق السريعة، فيمكن أن يتم ذلك خلال فترة تتراوح بين عشر سنوات وعشرين سنة، موضحاً أنّه في المدن، يمكن أن تُزال العقبات خلال فترة بين عشرين إلى ثلاثين عاماً.
- "ميج" ذاتية القيادة:
السيارة الجديدة ذاتية القيادة أطلقت عليها جامع برلين الحرة الإسم "ميج MIG"، ليس على إسم الطائرة العسكرية الروسية الشهيرة، ولكن إختصاراً لعبارة (Made in Germany)؛ أي "صُنِعَ في ألمانيا".
وهي تستخدم الكاميرات، والماسحات الضوئية الليزرية، وأجهزة إستعشار الحرارة والملاحة بالأقمار الإصطناعية – حتى في الأنفاق – لكي "ترى" غيرها من المركبات المارة وتستجيب لإشارات المرور. ويعتقد مطورو "ميج" أنّ هذه التكنولوجيا سوف تقلل بشكل كبير عدد السيارات على الطريق، لأنّ الناس لن يعودوا بحاجة إلى إستخدام سياراتهم الخاصة كثيراً، وإنّما سيستخدمون سيارات من دون سائق بموجب مخططات إستخدام منظمة يتشاركون فيها جميعاً (Car-shared schemes).
وقال البروفيسور روخاس إنّ "السيارات ذاتية القيادة هي السيارات الخضراء الحقيقية"، مضيفاً: يمكننا إستخدام جزء من السيارات التي لدينا الآن. وقال روخاس: إذا كانت الصين والهند ترغبان مثلنا في بلوغ نفس المستوى من التنقل بالسيارات فلن يكون العالم عندئذٍ كبيراً جدّاً، والحل الحقيقي الوحيد عندما يتعلق الأمر بالإستدامة والمحافظة على الموارد هو التشارك في السيارة (Car-sharing).
- قيادة أكثر أماناً:
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من مليون شخص يُقتَلون في حوادث الطرق كل عام في جميع أنحاء العالم، ويصاب 50 مليوناً آخرون بجروح. ويقول أصحاب هذا الرأي إنّ المركبات ذاتية القيادة يمكن أن تقلل من هذه الأرقام.
وتقول جامعة برلين الحرِّة إنّ السيارات الجديدة، التي تستخدم أجهزة إستشعار للتعرف إلى غيرها من المركبات والمشاة والدراجات، سوف تقود نفسها في المستقبل بأمان أكثر مما يقود الناس سياراتهم اليوم، إذ إن هؤلاء يفقدون التركيز ويصيبهم التعب. وقال البروفيسور روخاس إنّ السيارة الجديدة تتوافر تحت تصرفها معلومات أكثر مما يتوافر لدى الإنسان الآن.. فالإنسان يمكن أن يرى ما أمامه فقط أما هذه السيارة فيمكن أن ترى من جميع الإتجاهات ما يكون بعيداً عنها بنحو سبعين متراً.
وقد اتفق فرديناند دودينهوفر المحلل المتخصص في صناعة السيارات على أنّ هذه التكنولوجيا الجديدة يمكن أن تساعد على الحد من الحوادث، إذا كان الأمر يتعلق بثمارها المرجوة، لكنّه يتشكك في الفوائد التي تعود على البيئة من جراء إستخدامها. وقال لوكالة الأنباء الفرنسية إنّ هناك مشروعات نموذجية مختلفة في جميع أنحاء العالم تبدو مثيرة للإهتمام، لكن يبقى أن نرى ما إذا كنا سنعتمد عليها حقاً، مضيفاً: لكن حماية المناخ هنا تبدو، في سجل مزايا السيارة، أمراً ثانوياً.
- تجارب استبقت "ميج":
السيارة "ميج"، التي تبدو من الخارج مثل "فولكسفاغن باسات" العادية لكنها مزودة بكاميرا في أعلاها، كانت واقفة في مطار تمبلهوف المهجور في برلين، بعد أن جرى إختبارها في الطرق العامة. وكان ثمة شخص داخلها، لكنّه كان موجوداً فقط للتصرف إذا ما ساءت الأمور. وهو لم يُحرّك شيئاً في السيارة، فيما كان زوجان يدفعان عربة أطفال ويعبران الطريق أمامها، ولا أدار عجلة القيادة بشدة لكي يدور حول سيارة متوقفة متجنباً صدمها.. كل هذا حدث من دون تدخّله. ومع ذلك، لم تكن السيارة "ميج" بأي حال من الأحوال أوّل سيارة ذاتية القيادة.
فقبل أسبوعين، إستعرض علماء في براونشفايغ بألمانيا سيارة من دون سائق تسمى "ليوني" في ظروف حركة المرور الحقيقية، في حين أجريت إختبارات أخرى على الطرق في إيطاليا وأماكن أخرى.
وقبل أسبوع، قالت شركة "غوغل"، أحد عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة، إنّ سياراتها ذاتية القيادة قد سارت بالفعل مئة وأربعين ألف ميل (225000 كيلومتر) في جميع أنحاء منطقة خليج سان فرانسيسكو، ولكنّها أيضاً كان بداخلها إنسان. وكان المهندسون الذين يشتغلون على كل من سيارة "غوغل" وسيارة جامعة برلين الحرِّة قد شاركوا في عام 2007 في مؤتمر وكالة مشروعات الأبحاث الدفاعية المتقدمة (DARPA) حول التحدي العمراني، الذي نظمته حكومة الولايات المتحدة، والذي شاركت فيه سيارات من دون سائق طورها خمسة وثلاثون فريقاً من مختلف أنحاء العالم.
وقال روخاس معلقاً: في ذلك الوقت، كان الأمر مجرّد منافسة في ولاية كاليفورنيا. والآن أصبح السباق عالمياً، وهذه المرّة على طرق حقيقية تتميّز بدرجة أكبر بكثير من التعقيد، مقارنة مع ما كان عليه الحال في عام 2007.
0 commentaires: